الكون والنشأة
التفكير المنطقي الذي لا يجد إجابات مقنعة عن الأسئلة يخترع إجابات وهمية.
يقول شيخ العرفاء والعلماء والمتصوفة أبو حامد الغزالي رحمه الله: الإسلام عقل يرفض الخرافة، وقلب يرفض الرذيلة.
في البدء كان العدم قبل أن يوجد، مثل الأضواء التي تضيء وتنطفئ وتضيء وتنطفئ بالتناوب، أو مثل براعم شجرة السدر التي خلقت لتنمو وتزهر ثم تموت لكي تُخلق وتتوقف عن الوجود لكي تُخلق، أو مثل الحلقات التي تطفو في الفضاء، تتقلص وتتمدد... وبعد كل لا شيء هناك انفجار عظيم لتشكيل كون ليس في مكان محدد.
أو كما تشرح فلسفة الثعبان الذي يأكل نفسه من ذيله بلا نهاية عند الإغريق، والعجلة المقدسة عند الهندوس، وقوة دائرة الين واليانغ في الكونفوشيوسية.
مثال أوضح هو كونٌ بثلاثة أكوانٍ أسفله تتقلص، وثلاثة أكوانٍ فوقه تكبر. يلتقي الكون الأكبر بالكون الأصغر في حلقة.
وبين كل كون وآخر هناك سبعة أكوان متوازية.
بعد الانفجار الكبير، الذي كان خاليا من المادة، التفت موجتان كهرومغناطيسيتان، واحدة سلبية والأخرى إيجابية، حول بعضهما البعض مثل تيار ساخن حول تيار بارد، مما أدى إلى خلق إعصار كهرومغناطيسي أو ثقوب سوداء.
داخل الثقب الأسود، تشكلت البوزونات والبروتونات والنيوترونات والإلكترونات والنوى والذرات المختلفة لتشكل حساءً كونيًا أو بلازما حرارية لتصبح مجرة عملاقة انفصلت عنها نجوم عملاقة مثل السماء التي انقسمت بتلاتها إلى طلاء يشبه طلاء الورد.
عندما تنقسم السماء وتصبح وردية اللون مثل الطلاء.
ويوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب
ثم تحولت النجوم إلى شموس ذات بتلات، وهي كواكب البلازما أو النجوم الصغيرة التي بردت وأصبحت كواكب باردة. قبل أن تبرد، انفصلت عنها أقمار ساخنة، بردت أولاً قبل الكواكب، إذ بردت الكويكبات الأصغر وتحجرت أولاً، ثم الأكبر، ثم الأكبر، حتى ينطفئ النجم الأكبر أو يلتهمه ثقب أسود عابر.
مبدأ الزخم الزاوي
صورة تقريبية لكرة تنس مبللة في حركة دورانية، مع انفصال قطرات الماء عنها ودورانها حول نفسها في شكل يشبه انفصال النجوم عن المجرة.
يقول الله تعالى في سورة التكوير: (وإذا الشمس كوّرت، وإذا النجوم انتثرت، وإذا الجبال سيرت...)
وهذا يعني أن البلازما تتجعد لتصبح شمسًا أو نجمًا، ثم تنهار هذه الشمس أو تنطفئ وتبرد لتصبح كوكبًا.
عندما يبرد النجم الوليد، يتحول إلى كوكب ذي قشرة خارجية صلبة تحمل الصهارة من الداخل. ثم يبدأ قلب الكوكب بإفراز الحمم البركانية. بعد ملايين السنين، يصبح قلب الكوكب فارغًا كالبيضة الفارغة. تنهار قشرة الأرض على نفسها وينشق الكوكب أو القمر، كما قال تعالى في سورة القمر (اقتربت الساعة وانشق القمر). ثم يصبح كومة صخرية تطفو في الفضاء حتى يجذبها ثقب أسود جديد، محولًا إياها إلى بلازما حرارية، ونجوم، وشموس، وكواكب... وهكذا.
يبتلع الثقب الأسود بقايا ثقب أسود ميت آخر أو مجرات أخرى.
****
عندما يبرد كوكب يقع على المسافة المناسبة لتكوين الماء السائل، تتكون المحيطات والبحار.
بداية الخلق
ثم تظهر أعمدة أو مداخن من المياه البركانية الساخنة تحت البحار مثل الطين القديم.
فلينظر الإنسان مما خُلِقَ خُلِقَ من ماءٍ يُدْفَعُ من بين الصلب والضَّراب. سورة الطارق، الآية 5
سورة الرحمن:
أول مادة غير عضوية، وهي الكالسيوم، تُنتج أول مادة عضوية حية، وهي المرجان الصخري، الذي ينمو من الصخر ويصبح صخورًا حية قادرة على التكاثر. وهو الذي أنبتكم من الأرض نباتًا.

يتطور في المرجان الحيوانات المنوية والخلايا الفردية والبكتيريا، والتي تنقسم إلى نوعين: نوع ينتج الحيوانات مثل الأصداف، ونوع أقدم ينتج الطحالب.
تتطور الطحالب إلى نباتات، وتتطور الأصداف إلى رخويات تتحول بدورها إلى قشريات وأسماك...
القشريات هي مصدر جميع الحشرات.
والأسماك القشرية التي تضع البيض، والتي نشأت منها الزواحف والطيور.
والأسماك الغضروفية التي تلد، مثل أسماك القرش والشفنين، هي أصل الثدييات...
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق
لماذا لا تتقي الله وقد خلقك في مراحل مختلفة؟
الجنة يبنيها الحكيم في الكون الواسع.
الكون كائن حي يولد وينمو ويتمدد ويشيخ ويموت ثم يُبعث ليعود إلى الحياة.
يولد الكون، وتولد المادة، وتولد الثقوب السوداء، التي تتكاثر منها المجرات، وتتفرع منها النجوم لتنمو منها أسلاف، وهي الكواكب التي تُولد الأقمار.
تموت الأقمار بعد أن تبرد وتفرغ حممها الداخلية وتنهار على نفسها، ثم تموت الكواكب بنفس الطريقة، فتنطفئ الشموس وتتحول إلى كواكب باردة تموت كالكواكب، كما تموت المجرات وتصبح مجرد ركام يطفو في دوائر حتى يخرج من المركز.
تجذب الثقوب السوداء بقايا المجرات والكواكب الميتة وتمتصها كالأعاصير الجارفة لتبدأ دورة حياة جديدة لمجرة ونجوم وكواكب جديدة... كالخلايا الحية التي تتغذى على الخلايا الميتة لتطهير الجسم.
ولكي يستمر الكون حيًا، يشيخ، يموت، ويبعث من جديد.
كل شيء في الكون حي، من مكونات الذرة إلى الكون نفسه. كل شيء ينمو، ويتكاثر، ويموت، ويعود إلى الحياة، حتى الذرات نفسها. عندما تموت في معادلة نووية، تصبح ذرة جديدة حية تحمل اسمًا جديدًا. سبحان من يسبح له من في السماوات والأرض، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا. ومن الموت خلق البعث الجديد.
جميع الكائنات الإلكترونية الأرضية، الغازية، النارية والمضيئة، متصلة بأصل واحد، من الجينوم والبروتينات إلى الجزيئات والذرات والإلكترونات والبروتونات. كل الخلق يحمل نفس العلامة التجارية أو الملكية الفكرية والأخلاقية. حتى لو دخلنا إلى العالم دون المجهري إلى ما دون الذري، نجد فضاءً وأكوانًا تشبه كوننا تمامًا، وإذا تعمقنا أكثر، نجد كونًا آخر مشابهًا. أما إذا صعدنا إلى المجرات وما وراء حدود الكون، فسنكتشف أننا وكوننا مجرد بروتونات أو نوى أو إلكترونات لذرة عملاقة، وهي الكون الذي نعيش فيه، وهي مجرد ذرة في جسم حي أو جماد. وهنا نفهم معنى الآية التي يقول فيها الله تعالى: ﴿وَعَلَمُوا هُنَاكَ أَنَّهُ لَا مُفْلِتَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ﴾.
أو قوله تعالى: (أينما تولوا فثم وجه الله).
(وجهها الملكية الصناعية والفكرية التي بني بها هذا الكون)
حتى المكبر العياني أو المجهر المجهري، هناك كون حي. سبع سماوات في طبقات، ونفس العدد من الأرضين.